آخر المواضيع

السبت، 16 مارس 2019

مفهوم الجريمة





تمهيد
   سنتطرق خلال هذا الفصل التمهيدي إلى الحديث عن مفهوم الجريمة وأركانها، وماهية جريمة القتل، بالإضافة إلى مفهوم جريمة الشروع في القتل، وذلك على النحو التالي:
المبحث الأول: مفهوم الجريمة وأركانها:-





تمهيد
  الجريمة في حقيقتها ظاهرة قانونية واجتماعية، وهي تمثل دون خلاف حجر الزاوية في القانون الجنائي، والأفعال التي تشكل جرائم هي ما ينشغل بها المشرع الجنائي ويسعى إلى حصرها في نماذج قانونية محدده ومنضبطة مع تقرير عقوبات لكل منها.
  وهذه الجرائم تتراوح بين الجسيمة غير جسيمة، ومنها ما ينتمي إلى جرائم الحدود ومنها ما يدخل في إطار جرائم القصاص وثالث من طائفة التعازير وهكذا....
المطلب الأول: مفهوم الجريمة:
   تعددت مفهوم الجريمة في كتب القانون والفقه واللغة، وكلهاً تسلك مسلك واحد وهو أن الجريمة فعل محظور يؤدي إلى حدوث خلل في المنظومة الاجتماعية، والعلاقات الإنسانية، وتختلف الجريمة على حسب درجات خطورتها وجسامتها، وحيث أن كل جريمة تقابلها عقوبة- لها أهدافها في التهذيب وظيفتها في الردع والزجر- وسنتعرف على مفهوم الجريمة من عدة جوانب:
الفرع الأول: مفهوم الجريمة لغوياً:
  الجريمة في اللغة: من الجرم، والجرم والجريمة: الذنب، وتجرم على فلان: ادعى على ذنباً لا اعلمه، وقال الفيومي: جرم جرماً من باب ضرب: أذنب واكتسب الإثم، وعلى هذا فتكون الجريمة بمعنى: الذنب والجناية والتعدي وكسب الشر واقتطاعه.
  وتفيد كل التعاريف اللغوية على أن الجريمة ذنب والذنب فعل محظور يترتب عليه عقوبة تختلف باختلاف نوع الجريمة.
الفرع الثاني: مفهوم الجريمة اصطلاحاً:
    رغم وضوح فكرة الجريمة باعتباره عملاً مخالفاً لمقتضيات أمر الشارع ونهيه، إلا أن شراح القوانين لم يتفقوا على تعريف واحد، واختلفت آراءهم بالصفات المثالية للجريمة بدقة، واختلفت الضوابط برغم أن هذا التباين غير شديد ترجع صفة التجريم على أنها فعل محظور يمس بعض المصالح العامة أو الخاصة التي منع الشارع المساس بها، وهناك من يرى أن صفة التجريم تتجه إلى إرادة الشخص الآثمة التي أفصح عنها بسلوكه الخارجي المخالف للقانون.
    لذلك نستطيع تعريف الجريمة اصطلاحاً: بأنها أي فعل محظور في بعض المصالح العامة والخاصة التي نهى الشارع المساس بها، وترتب العقوبة على مخالفتها، وتختلف العقوبة باختلاف الجريمة ودرجة جسامتها، ويهدف الشارع من تجريم هذا الفعل استقرار المعاملات الإنسانية بكل جوانبها الاجتماعية والاقتصادية،والسياسية وغيرها من الجوانب، إلا انه يجب الإشارة هنا إلى الأخلاقيات والعادات في المجتمع والتي لا تعتبر جريمة، إلا ما كان داخل بالنظام العام حيث أن الأساس في مخالفة الأخلاقيات والعادات عقوبة اجتماعية من قبل أفراد المجتمع تتمثل في الاستهجان اللوم والعقاب.
الفرع الثالث: مفهوم الجريمة شرعاً:
 عرفت الجريمة شرعاً بأنه: محظورات شرعية، زجر عنها الشارع بحد أو تعزير، وعرفها عبد القادر عودة بأنها: فعل أو ترك نصت الشريعة على تجريمه والعقاب عليه.
   من خلال ما سبق في هذه التعاريف يتضح أن الجريمة هي ما خلفت أوامر الشارع- الله عزوجل- ومن يخالف هذه ألأوامر عاقبه الشارع بحد أو تعزير.
الفرع الرابع: مفهوم الجريمة قانوناً:
  هناك قوانين وضعية تجنبت وضع تعريف محدد للجريمة، وتركت الأمر للشرح يستنبطوا الضوابط محددة من مجال أحكام قانونية للشارع، وقد وضعوا شراح القانون عدة تعاريف للجريمة تهدف جميعها إلى أظهار عناصر الجريمة في كل تعريف.
  وبعيداً عن ميدان الخلاف الفقهي فقد ارتأت بعض التشريعات المقارنة إيراد تعريف خاص بالجريمة وإن كانت اختلفت في مضمون وجوهر هذا التعريف، فالبعض عرفه بالمعنى الشكلي والموضوعي، بينما اكتفى البعض الآخر بإعطائه مضمون شكلي فحسب.
  ومن بين التشريعات القليلة التي عرفت الجريمة تعريفاً موضوعياً (مادياً) لكنها لم تغفل في الوقت عينه عن الإشارة إلى الجانب الشكلي منه القانون الروسي الجديد الصادر سنة 1994م حيث عرفت المادة (14/1) منه الجريمة بأنها: كل سلوك آثم إيجابياً أم سلبياً ينص عليه القانون، ويشكل خطراً اجتماعياً يرتب عليه القانون عقوبة، واللافت أن هذا التعريف الذي تبناه المشرع الروسي الجديد هو نفسه التعريف الذي صكه المشرع في قانون العقوبات القديم الصادر سنة 1962م على الرغم من اختلاف النظام السياسي الراهن في روسيا، وعلى نهجه سار قانون العقوبات اليمني رقم (3) الصادر عام 1976م- في جمهورية اليمنية الديمقراطية سابقاً- حيث عرف الجريمة في مادته (13/1)بأنها: (كل فعل أو امتناع يعد خطراً اجتماعياً ومنصوص عليه في القانون ويرتب عليه عقوبة)، وقد فسرت المادة (13/2) منه الخطورة الاجتماعية بقولها (تتوافر الخطورة الاجتماعية إذا تسببت الجريمة في إحداث ضرر جوهري بالعلاقات الديمقراطية)، وهناك بعض التشريعات التي تعرف الجريمة تعريفاً شكلياً دون الاحتفاء بالجانب الموضوعي منه فقد عرفها المشرع الأسباني بأنها:الفعل أو الترك العمدي الذي يعاقب عليه القانون.
  ولا يختلف الأمر في ميدان الفقه، إذ عرفها البعض تعريفاً شكلياً وعرفها البعض الآخر تعريفاً موضوعياً.
  فالجريمة لها مفهومين أساسين: مفهوم قانوني يرى الجريمة كفكرة قانونية مجردة بأكثر مما يراها سلوكاً واقعياً وحقيقة اجتماعية. ومفهوم اجتماعي يميل في تحليل الجريمة إلى كونه سلوكاً واقعياً صادراً عن إنسان له دوافعه ودلالاته في كل جريمة على حدة أو بالنسبة لكل مجرم دون غيره.
 وتتفق الشريعة تمام الاتفاق مع القوانين الوضعية الحديثة في تعريف الجريمة بأنها عمل يحرمه القانون أو امتناع عن عمل يقضي به القانون.
تعريف الجريمة من المنظور الاجتماعي:
  وهي كل فعل يتعارض مع ماهو نافع للجماعة وماهو عدل في نظرها، أو هي انتهاك العرف السائد مما يستوجب توقيع  الجزاء على منتهكيه، أو هي انتهاك وخرق للقواعد والمعايير الأخلاقية للجماعة، وهذا التعريف تبناه الأخصائيون الانثروبولوجيون في تعريفهم للجريمة في المجتمعات البدائية التي لا يوجد بها قانون مكتوب.
هناك تعريف في الفقه الدولي للجريمة:
   الجريمة هي الإتيان بفعل يتنافى مع المعايير الجمعية القانونية والدستور أيضاً، وتتمثل بالتعدي على حقوق الآخرين وانتهاكها، ويعاقب عليها القانون نظراً لتحريم هذا الفعل قانوناً و شرعأ.
هناك تعريف في الفقه الدولي للجريمة:
   هي إشباع لغزيرة إنسانية بطريقه شاذة لا يقوم به الفرد العادي في إرضاء الغزيرة نفسها، وهذا الشذوذ في الإشباع يصاحبه علة أو أكثر في الصحة النفسية وقت ارتكاب الجريمة والتي تؤدي إلى انهيار في القيم والغرائز السامية.
تعقيب:
   بعد معرفتناً لماهية الجريمة من عدة جوانب كجوانبها اللغوية، والاصطلاحية، والشرعية، والقانونية، وغيرها...، يلاحظ أن الجريمة ظاهرة اجتماعية منذ قدم الزمان، حيث أن كل الأديان السماوية والقوانين الوضعية عملت على محاربتها، فوضعت ضوابط محددة تعدد الفعل الذي يصبح جريمة سوى كان فعل أو امتناع، والشريعة الإسلامية وضعت كل العقوبات للجرائم التي تمس الكليات الخمس، الأمر الذي ميز الدين الإسلامي عن الأديان السماوية الأخرى، كون الجريمة قد انغرست في النفوس البشرية ويستحيل احتوائها إلا انه يمكن محاربتها ومكافحتها من خلال التشريعات، و ما تميزت به الشريعة الإسلامية أنها شرعت عقوبتين: عقوبة دنيوية وعقوبة أخروية، فإذا لم تردع الإنسان العقوبة الدنيوية- والذي بات مقدم على ارتكاب الجريمة- ردعتها العقوبة الأخروية، بعكس القوانين الوضعية التي شرعت عقوبة دنيوية ولم تربطها بالوازع الديني الذي قد يكون أقوى ردعاً للجريمة من الناحية النفسية.
...
إعداد الباحث الأكاديمي/
أحمد إسماعيل محمد قايد البيضاني



 *ملاحظة :*
عند دخولك من جوال لموقع اضغط كلمة "عرض صفحة الويب"
 *اذا كان لديكم اي استفسار يمكنكم مراسلتنا على*

https://legal-academy.blogspot.com/?m=1

 *موقع الويب: http://legal-academy.blogspot.com
اتصل بنا


عنوان: الجمهورية اليمنية- محافظة إب
رقم التلفون:967777751768
يمكنكم زيارة مواقعنا على ميديا سوشال:
فيس بوك:  https://www.facebook.com/Legal.7.Academy/
يوتوب: https://www.youtube.com/channel/UCWmwGgGoD_YEZaEmE5mzUXw
واتس اب: 967777751768

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من نحن

author المحام والباحث الاكاديمي في القانون اليمني والقانون المقارن احمد اسماعيل البيضاني اهدف من خلال موقعي وفريق القانوني المتكامل في نشر الثقافة القانونية وكسر الاحتكار القانوني لدى القانونين من خلال نشر دورات قانونية وبرامج وابحاث قانونية تستهدف بشكل اساسي المهتمين في القانون والطلاب الشريعة والقانون والحقوق
المزيد عني →

التصنيفات

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *